recent
أخر الأخبار

الأدوية والمكملات الغذائية للأطفال مالها وماعليها !

الأدوية والمكملات الغذائية للأطفال ذوي التوحد: نظرة شاملة وتوصيات هامة

يعتبر التوحد تحديًا معقدًا يتطلب فهمًا عميقًا ومقاربة شاملة تشمل الجوانب التربوية، السلوكية، وأحيانًا التدخلات الدوائية والمكملات الغذائية.
 ومع تزايد المعلومات المتاحة، يجد الآباء أنفسهم أمام خيارات متعددة، تتراوح بين الأدوية التقليدية، إلى المكملات الغذائية الطبيعية، وبعض العلاجات البديلة التي قد تثير الجدل. 
هذا الكم الهائل من المعلومات، بالإضافة إلى الترويج لبعض المنتجات باهظة الثمن أو غير المدعومة بأدلة علمية كافية، يمكن أن يضع الأهالي في حيرة من أمرهم.

صورة لمجموعة من علب الأدوية والمكملات الغذائية، بما في ذلك إل-كارنيتين، أونوفيت، أتوموريلاكس، الميثكوبال، DMG، وأبيكسيدون، المستخدمة لدعم أطفال التوحد.

يهدف هذا المقال إلى تقديم تحليل شامل وموضوعي لبعض الأدوية والمكملات الغذائية الأكثر شيوعًا التي تُستخدم أو يُروج لها لأطفال التوحد. سنقوم بتقييم كل منها بناءً على الفوائد المحتملة، المخاطر المعروفة، وتوافر البدائل الأكثر أمانًا وفعالية واقتصادًا. 
من خلال تسليط الضوء على الحقائق العلمية وتصحيح المفاهيم الخاطئة، نسعى لتمكين الآباء من اتخاذ قرارات مستنيرة ومسؤولة بشأن صحة أبنائهم، بعيدًا عن الوعود الزائفة أو العبء المالي غير المبرر.
إن فهم ما "لها" وما "عليها" من كل تدخل علاجي هو مفتاح الرعاية الفعالة والآمنة لأطفالنا، ويساعد على تجنب الممارسات التي قد تضر أكثر مما تنفع.

إل-كارنيتين: دعم طبيعي لوظائف الجسم الحيوية

إل-كارنيتين هو مكمل غذائي طبيعي يتميز بأهميته البالغة في دعم بناء ووظائف العضلات، وهو يدخل في العديد من العمليات البيوكيميائية الأساسية داخل الجسم، لا سيما تلك المتعلقة بوظائف الميتوكوندريا، التي تُعد "محطات الطاقة" في الخلايا.
 يعتبر إل-كارنيتين عنصرًا حيويًا لإنتاج الطاقة الخلوية، وله دور كبير في نقل الأحماض الدهنية إلى الميتوكوندريا ليتم حرقها كوقود.
 نظرًا لدوره المحوري في دعم الصحة العضلية ووظائف الطاقة الخلوية، ليس لدي أي تحفظات على استخدام إل-كارنيتين كمكمل غذائي للأطفال، خاصةً أولئك الذين قد يعانون من نقص في الطاقة أو ضعف في وظائف العضلات.

أونوفيت: بديل اقتصادي وفعال لـ DMG

أونوفيت هو مكمل غذائي طبيعي ومشتق من غذاء ملكات النحل، وقد تم تطويره بتركيبة خاصة لتناسب الأطفال، حيث أن غذاء ملكات النحل التقليدي قد لا يكون مناسبًا لهم. يتميز أونوفيت بكونه مقويًا للمناعة وفاتحًا للشهية، كما أنه غني بـ الكولين.
 الكولين مادة غذائية حيوية للعديد من الوظائف الأساسية في بناء الخلية وأجهزة الجسم المختلفة، بما في ذلك الحمض النووي (DNA). علاوة على ذلك، يلعب الكولين دورًا هامًا في تصنيع الناقل العصبي أسيتيل كولين، وهو ضروري لوظائف المخ، الذاكرة، والتعلم.
ما يميز أونوفيت أيضًا هو كونه بديلاً اقتصاديًا ومتاحًا للعديد من المكملات المستوردة باهظة الثمن، مثل DMG. في الحقيقة، يقدم أونوفيت نفس الفوائد الجوهرية التي يقدمها DMG، ولكنه متاح بسعر معقول، مما يجعله خيارًا ممتازًا للعديد من الأسر. بناءً على هذه الفوائد المتعددة وقيمته الاقتصادية، لا أرى أي تحفظات على استخدام أونوفيت.

أتوموريلاكس شراب (أتوموكس): استخدام حذر لفرط الحركة واضطراب الانتباه

أتوموريلاكس شراب، وهو المنتج المصري المناظر للعقار الأصلي ستراتيرا (أتوموكسيتين)، يُستخدم بشكل أساسي لضبط فرط الحركة وتحسين الانتباه لدى الأطفال. من المهم جدًا التوضيح أن أتوموريلاكس ليس مصنفًا ضمن المهدئات على الإطلاق، وهو اعتقاد خاطئ شائع لدى الكثيرين. وظيفته الأساسية هي تنظيم النواقل العصبية لتحسين التركيز وتقليل الاندفاعية.
ومع ذلك، يجب توخي الحذر الشديد عند استخدام هذا الدواء، خاصةً للأطفال دون سن السادسة. يفضل تجنب استخدامه مطلقًا في هذا العمر نظرًا لآثاره الجانبية المحتملة، والتي قد تشمل اضطرابات في النوم، عصبية، سوء المزاج، أو آلام في البطن والمعدة، مما قد يؤدي إلى فقدان الشهية ونقصان الوزن. 
لا ينبغي إعطاؤه للأطفال في سن الخامسة إلا في الحالات القصوى عندما لا يكون هناك بديل علاجي آخر سوى استخدام المهدئات، والتي يجب تجنبها قدر الإمكان. يجب دائمًا استشارة الطبيب المختص لتقييم الحاجة الفعلية للدواء ومراقبة أي آثار جانبية.

الميثكوبال: تقليعة باهظة ومخاطر محتملة

للأسف، أرى أن عقار الميثكوبال هو تقليعة غير مبررة يتم الترويج لها من قبل العديد من الأطباء. هذا المنتج مستورد وباهظ الثمن بشكل غير مبرر، ولا يقدم أي ميزة حقيقية تبرر تكلفته العالية. الأخطر من ذلك هو وصفه لفترات طويلة دون إرفاقه بحمض الفوليك، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على بناء خلايا الدم الحمراء في الجسم. الميثكوبال يحتوي على ميثيل كوبالامين، وهو شكل من أشكال فيتامين ب12، والذي يحتاج الجسم إلى حمض الفوليك لامتصاصه واستخدامه بكفاءة.
البديل المصري المتوفر، مثل Biovit B12 (أو أي منتج مصري آخر يحتوي على فيتامين ب12)، متاح بسعر زهيد جدًا ويؤدي نفس الغرض بفعالية وأمان. من غير المقبول استغلال حاجة الأهالي وتصوير المنتجات المستوردة باهظة الثمن على أنها "ماء الحياة السحري"، في حين أن هناك بدائل محلية آمنة وفعالة بأسعار معقولة. يجب على الأطباء أن يكونوا أكثر وعيًا بالعبء المالي على الأسر وأن يوصوا بالبدائل المتاحة متى كانت بنفس الجودة.

DMG: وهم "الخواجة" ووجود بدائل محلية

DMG (ثنائي ميثيل جلايسين) هو مادة طبيعية تُعرف بكونها مانحة لمجموعة "الميثيل"، وهي جزيء كيميائي يدخل في العديد من العمليات الحيوية البنائية في الجسم، بما في ذلك بناء الحمض النووي. 
كما أنها تلعب دورًا هامًا في دعم المناعة وعمليات التمثيل الغذائي. ومع ذلك، مثل الميثكوبال، DMG هو أيضًا منتج مستورد وباهظ الثمن، ويزيد من عبء التكلفة على الأسر.
ما يثير الدهشة هو أن DMG يؤدي نفس وظيفة مادة الكولين، والتي تتوفر في العديد من المنتجات المحلية المتاحة والرخيصة مثل أونوفيت، وسومازينا، وفورتاميند، وسيريبروبروف. 
هذا يوضح مرة أخرى أن هناك "عقدة" تفضيل للمنتجات المستوردة، حتى وإن كانت لا تقدم أي قيمة إضافية مقارنة بالبدائل المحلية. يجب علينا التخلص من هذه الفكرة الخاطئة والتركيز على الفعالية والجودة بغض النظر عن مصدر المنتج.

مضادات الذهان (ريسبيردال، سيكودال، ريسباديكس، أبيكسيدون، أريبيبريكس): جريمة مهنية في طب الأطفال

أخيرًا وليس آخرًا، نأتي إلى مجموعة العقاقير التي تُصنف كمضادات للذهان والفصام. هذه المجموعة تشمل أسماء تجارية مثل أبيكسيدون (وهو الاسم المصري للـ ريسبيردال)، وسيكودال، وريسباديكس. ويندرج ضمن هذه الفئة أيضًا "ابن عمه في الإجرام الدوائي" كما أصفه، وهو أريبيبريكس.
المشكلة الجوهرية هنا تكمن في أن هذه الأدوية، بطبيعتها، هي مضادات للذهان والفصام (الشيزوفرينيا). وصف هذه الأدوية للأطفال، خاصةً في حالات التوحد، هو في رأيي جريمة مهنية لا تغتفر في تاريخ طب الأطفال. التوحد هو اضطراب نمائي عصبي يختلف تمامًا عن الفصام، ولا توجد أي مبررات علمية أو أخلاقية لاستخدام أدوية مخصصة لعلاج الفصام مع أطفال التوحد.
هذا التصرف يدل على عك طبي غير مهني بالمرة، ويمكن أن يكون له عواقب وخيمة على صحة الأطفال ونمائهم على المدى الطويل.

خلاصة وتوصيات هامة للآباء

من الضروري جدًا أن يكون الآباء على دراية تامة بالأدوية والمكملات التي يتناولها أطفالهم. ليس كل ما هو باهظ الثمن أو مستورد هو الأفضل، وليس كل ما يتم الترويج له يستند إلى أسس علمية قوية. يجب دائمًا:
  • استشارة طبيب متخصص وذو خبرة: اختر طبيبًا تثق به ولديه فهم عميق لاضطرابات طيف التوحد وأساليب العلاج الحديثة.
  • البحث والاطلاع: لا تعتمد على مصدر واحد للمعلومة. ابحث وقارن واقرأ الدراسات العلمية الموثوقة.
  • التساؤل والمناقشة: لا تتردد في طرح الأسئلة على طبيبك حول الأدوية الموصوفة، وفوائدها، ومخاطرها، والبدائل المتاحة.
  • تقييم التكلفة والفعالية: لا تدع فكرة أن "الغالي أفضل" تخدعك. غالبًا ما تكون هناك بدائل محلية أو اقتصادية بنفس الفعالية.
  • تجنب الاستخدام العشوائي: لا تبدأ أو توقف أي دواء أو مكمل غذائي لطفلك دون استشارة طبية.
أتمنى أن يكون هذا المقال قد قدم لكم معلومات قيمة ومفيدة. صحة أبنائنا أمانة في أيدينا، ويجب أن نتعامل معها بأقصى درجات الوعي والمسؤولية.

google-playkhamsatmostaqltradent