سلسة حكايتي مع مؤمن .. دكتور إيهاب رجاء
في يوم من أيام عيادة التميز بالمركز القومي للبحوث يوم صيفى حار في عام 2014، كانت أول زيارة لحفيدي الأول مؤمن ووالدته ووالده. شدوا الرحال من مدينتهم طنطا إلى القاهرة ليكتشفوا حالة الطفل الجميل مؤمن.
كان مؤمن حين رأيته لأول مرة يعاني من فرط حركة شديد واندفاعية وعدم انتباه أو تركيز. لم ينطق ولا حتى بحروف، فقط أصوات مبهمة تصدر عنه طوال الوقت، لزمات متكررة ومستمرة.
وكان القلق باد على أمه، فهي تمتلك معلومات متواضعة عن هذا القيد الذي يكبل طفلها. جاءت هنا على أمل أن تبدأ طريقها معه بداية صحيحة.
بدأت القى على مسامعها الضوابط الواجب أن تلتزم بها كبداية وهو لم يكمل الخمس سنوات. لن يكون هناك تدخل دوائي ولا يعانى الطفل من مشاكل عضوية بحاجه إلى دواء.
كانت التوجيهات لها علاقة بالتغذية وتجنب السكريات والمواد الحافظة والطعوم والألوان الصناعية، والرياضه لمواجهة فرط الحركة، وإغلاق الشاشات للسيطرة على التشتت والاندفاعية، واستمرار التدريبات في كل يوم، والتعامل مع الطفل بصبر وهدوء تام.
وبعض كلمات للتشجيع والدعم أقولها دائما للأمهات في أول الطريق لتحفزهن وتعينهن على صعوبة الطريق. خاصة وأم مؤمن تعاني من مشكلة حركية كبيرة ستجعل الصعوبة معها أكبر.
انصرفت الأسرة على وعد بالمتابعة بعد 3 أشهر. وعلى مدار أكثر من سنتين، لاحظت التزام هذه الأسرة بالمتابعات بشكل صارم والالتزام بما نتفق عليه تماما. ولاحظت أن الأم في كل زيارة تأتي وقد تعلمت شيئا جديدا عن طفلها وقد جربت شيئا جديدا.
فلم تكن تعرف شيئا عن الصفحات المختلفة على فيس بوك ويوتيوب. كل معلوماتها من الأخصائيين في مدينتهم الصغيرة ومن تجاربها الدائمة لتتعرف على ابنها أكثر.
كانت دائمة الأسئلة في كل زيارة، وكان هذا هو النوع الذي أفضله من الأهل ولا أمل أبدا من إجابة أسئلتهم وامنحهم الوقت الكافي دائما.
ولاني توسمت في هذا الطفل وهذه الأسرة الخير كنت دائما أجدد لهم التوجيهات في كل زيارة بحسب تطور الطفل. فاقترحت على الأم أن تبحث عن حضانة للاطفال العاديين لتمنح طفلها دمجا كاملا.
وكان لم يتم عامه السادس وكان ذلك نادر الوجود خاصة أن الطفل لازال بحاجه لجلسات فردية أيضا وكان لابد من الجمع بين الاثنين.
اجتهدت الأم كثيرا وانتقلت بين أكثر من مكان حتى جاءت في المتابعه التاليه لتخبرني بأنها وجدت حضانه وان الطفل يتلقى فيها أيضا جلسات فرديه. واستقر فيها الطفل وبدأ التقدم الملحوظ يبدو عليه.
ولكل مجتهد نصيب. وبعد حوالي العامين في الحضانة و3 أعوام من أول زيارة لي من مؤمن، نطق الملاك الصغير بكلمات الله عز وجل. نطق بآيات من القرآن الكريم محاولا ترتيله وتلاوته.
وكان ما نصحت به الأم هو بالضبط ما يحتاجه الطفل في الحضانة، لأن الحضانة ساعدته على أن يقرأ ويكتب. وكانت مفاجأة سعيدة حين امسك بالمصحف في إحدى المتابعات وبدأ يتلو القرآن في غرفة المتابعة. واحتفلت بهذا الملاك البرئ واعلنت أولى خطواته على طريق الخروج من التوحد.