من يوميات العيادة (17) من النصيحة ما تسبب في هتك العرض!

 

 

هتك العرض

دخلت الأم مكتبي مصطحبة ولدها ذَا السادسة من العمر، والذي لم يقدر الله له أن يتكلم بعد، وفي عينيها نظرات حزن، وأسى، وألم محبوس في الصدر تكشفه تلك النظرات وكأنها زفرات حارقة من نفس جريحة منكسرة!

قالت لي مطأطأة الرأس لا أدري كيف أبدأ معك سرد مصيبتي في ولدي الذي يقف أمامك عاجزا عن النطق هكذا !

إن طفلي هذا مصاب بالقصور الذهني، ولم ينطق بعد، وكنت أذهب به الى واحدة ممن يدعون أنهم إخصائيون تخاطب!

وبعد فترة حينما لم تكد تقدما في حالته قالت ناصحة لها دعيه ينزل الى الشارع ليلعب مع أقرانه ويتفاعل معهم لعله يقلدهم في إكتساب اللغة من خلال الإحتكاك اليومي المباشر.

تقول الأم راقت لي الفكرة وفرحت بها فأنا أتوق الى اليوم الذي أسمع فيه صوت طفلي الحبيب يناديني ولو من الشارع يا ماما …ياماما ، وكنت أراقبه من بعيد وكلي شغف أن أسمع صوته متصايحا مع أقرانه الذين يشاركهم اللعب.

في يوم ما جائني أمر يشغلني في شئون المنزل، ولايعطيني فرصة متابعة طفلي من الشرفة فعهدت به إلى بعض أبناء الجيران الذين يكبرونه بعدة سنوات طالبة منهم أن يراعوه، ويحمونه في سويعات انشغالي فأظهروا حماسهم للمشاركة في حمايته.

صعدت منزلي مطمئنة أنني قد و جدت من يهتم به في الشارع وقت انشغالي. مضيت بخفة وحماس إلى المهام المطلوبة مني في شئون المنزل.

ولكن بعد برهة من الوقت لم أعد أسمع صياح الأولاد، وجلبتهم في اللعب في الشارع ، وشعرت بانقباضة تعتصر قلبي خوفا أن يكون ولدي قد أصابه مكروه فهرولت إلى الشرفة مسرعة أنادي عليه وضربات قلبي مدوية تكاد تشق صدري وتدفعه من الرعب،  وبعد  ثوان  مرت كأنها دهر تذكرت أنه لن يستطيع الرد عليَّ وهو لم يتكلم بعد!

قفزت درجات السلم قفزا أكاد انكفيئ على وجهي من شدة اضطرابي وأنا أصرخ أين أنت ياولدي الحبيب المسكين وقد خلا الشارع من كل من كانوا يلعبون معه !

ومالبثت أن وجدته يبكي في ركن هاديئ غير  بعيد من الشارع فأسرعت إليه احتضنه وأهديئ من روعه ولكنني وجدته يضع راحة يديه الإثنتين على مؤخرته وكأنه يريد أن يخفي شيئا ما؟! كنت أصرخ فيه كالمجنونة وأهزه هزا شديدا ماذا بك ؟!

أرجوك أجبني ولو مرة مالذي يؤلمك، وأين ذهب الذين إئتمنتهم عليك وتداعى الى ذاكرتي موقف إخوة يوسف وهم يتباكون أمام أبيهم يعقوب مدعين أن الذئب قد أكله وهم عنه غافلون يلعبون!

آه ياولدي الحبيب ربما نهش مؤخرتك ذئب متعطش للدنس والفحشاء من هؤلاء الأوغاد.

صعدت بولدي إلى الشقة وأنا أدعو الله أن تكون ظنوني كاذبة، أو مبالغة فربما كانت محاولة تحرش سريعة مباغتة، وبعدها فر الجاني الآثم !

ضغطت أصابعي أزرار إسترجاع الأحداث تلك الفترة من خلال كاميرات المراقبة، وكدت أن يغشى عليَّ من هول الصدمة وأنا أشاهد خطوات الإعتداء الجنسي الكامل على طفلي الصامت البريئ الذي لم يستطع الصراخ والاستغاثة.

عند تلك النقطة صرخت أنا فيها بانفعال يقارب انفعالها عند صدمتها وكيف استأمنت مراهقين ذكور على ولدك الذي لا حول له ولاقوة، ولأول مرة في حياته يواجه موقفا كهذا ؟!

وكيف استمعت لنصيحة تلك الغبية الجاهلة مدعية التخصص وقد كان أولى بها أن تنصحك بإلحاقه في حضانة متخصصة دامجة، أو مركز رعاية نهارية به إخصائيات مدربات مؤتمنات من قبل إدارة المركز، ومعلوم خبراتهن السابقة في التعامل مع أبنائنا الأبرياء كالملائكة !

تحذير شديد إليكن أيتها الأمهات الفضليات …حافظوا بكل ماتملكن من قوة على أعراض أطفالكن غير الناطقين ، واحموهم من ذئاب الطريق ، ولو كانوا من ذوي القرابة ! فنحن في زمن لا آمان فيه لأحد  ولا ثقة تمنح بهذه السذاجة المطلقة هكذا !

 

google-playkhamsatmostaqltradent