من
يوميات العيادة (14) التنمر الأبوى !
آتيا
إليّ في العيادة بولدهما ذي التوحد بعد غياب عامين ، وعيونهما زائغة ، وفي الحلق
غصة ، وفي الصوت بحة !
بادرني
الأب قائلا هو من مصلحة " ز " إنه يعيش معايا ؟! وقبل أن يخرج السؤال من
رأسي ليجري على لساني إستطرد بسرعة قائلا أصل أنا ، وأمه إنفصلنا ، وأنا باشوفه
يوم الرؤية في نهاية الإسبوع يقعد معايا بتاع ساعتين كده ! ماهو برضه لما كنت عايش
معاهم كنت باضطر اشتغل شغلانة إضافية بعد الوظيفة ، وكنت بارجع آخر النهار ،
وماقدرش برضه أقعد معاه !
-
قلت مؤكدا بإشارة خاصة بكلتا يديَّ متصافحتين لابد لكي يتحسن حال الإبن ذي التوحد
- بوجه خاص ، وبوجه عام كل الأطفال - من تكاتف الوالدين معا كاليد الواحدة ، لماذا
إذا لاينصلح حالكما معا ، وتعودا لبيتكما معا من جديد من أجل طفلكما المسكين
الحبيب لكما ؟!
-
عاودني هو وحده - بينما الأم طأطأت رأسها في إنكسار - لم يعد ينفع يا دكتور !
-
لماذا هل طلقتها طلقة ثلاثية لارجعة فيها يارجل ؟!
-
أيوه …النصيب بقى ! وكمان أنا اتجوزت واحدة ثانية ، وأنجبت منها طفلة جديدة عمرها
الآن عدة أشهر !
-
لاحول ، ولاقوة إلا بالله …لاحول ، ولاقوة إلا بالله …ليه الظلم ده ، والطفل
البريئ ، وأمه ماذنبهما ؟!
-
خلاص بقى هو كده النصيب ، بس يعني ينفع اليوم الإسبوعي ، ولا ينفع ييجي يعيش معايا
؟!
-
وأخيرا نطقت المغلوبة على أمرها ، هو أنا كمان أقدر عليه لوحدي بعد ماكبر كده ،
وبقى صعب التعامل معه في مواقف الغضب ، وفَرَّط الحركة الشديد ؟!
أدركت
أخيرا من هذا الحوار المؤلم أن الأم غالبا تضغط على الأب كي يأخذ الولد في ظل
رعايته هو مع زوجته الثانية !
-
آه ياوجع قلبي مما أعيشه يوميا مع هذه الأسر التعيسة بأفعال أب أناني لايرضى
بإختبار الله له بولده ، ويذهب للبحث عن السعادة الكاذبة مع زوجة جديدة أخرى ! هل
فرارك من الميدان ، وتخليك عن الآمانة التي أوكلها الله إليك سيجلب إليك السعادة ،
والراحة المنشودة ؟!
-
للأسف مثل هذا النموذج الأناني آخرون فروا بالفعل ، وبعضهم مثل الذي في بالي
يفكرون ، ويمكرون … بحثا عن الأوهام ، يحلمون ، ويحلمون !